المقالات » أهو تيهٌ أم عودٌ أحمد؟ |
September 17, 2013 |
|
لا يملك أحدنا إلا أن يستغرب من الدورة المذهلة التي دارتها مصر خلال العامين الأخيرين قبل أن تعود إلى أدراجها العسكرية, ليست سالمةً تماماً وإنما منشقةً إلى نصفين أحدهما دامٍ..
في فتاتةٍ من عمر الزمان تخلصت مصر من نظامٍ دام ثلاثين عاماً انبثق من نظامٍ مماثل أخذ هو أيضاً ما أخذ من الزمن. ورغبت في أن تبدأ كما يقول التعبير الشعبي المصري “على ميَّة بيضا”. أرادت مصر الديمقراطية ولكنها لم تستوعب ما قد تحضره الديمقراطية من أشخاصٍ قد يرفضهم نصف الناخبين تقريباً ولم تكن مهيئة لتصبر كما تصبر جميع الدول الديمقراطية على ما تحضره صناديقها. لذا فقد جاء الغضب غير ديمقراطي على الإطلاق, ووضع كلّ ذي ثقلٍ من المعارضين ثقله في اتجاهٍ واحدٍ فقط لا غير هو أن يسقط الرئيس المنتخب مهما كان الثمن.. مهما كان الثمن!
وجاء الثمن غريباً.. قسطه الأول قتل بضعة آلاف ممن كانوا يريدون بشدّة بقاء الرئيس الذي انتخبوه, مع كل ما يلزم من تخريب مبانٍ وكنائس ومساجد وإغلاقها. وقسطه الثاني أن تعود مصر أدراجها إلى حكم العسكر بما فيه من قمعٍ واختفاءٍ لحرية الكلمة وعودة مناصرة أجهزة الإعلام المطلقة للفئة الحاكمة التي كانت اختفت في عام مرسي الرئاسي اليتيم.. وأُلجمت أجهزة الإعلام التي أرادت أن تقول شيئاً مخالفاً. ولسدّ فراغ الحرية الإعلامية سُمح للأجهزة الأخرى أن تأخذ حريتها كاملة في اختراق ما كان يمنعه الذوق السليم..
والغريب, أن الناس الذين خرجوا يطالبون بالحرية, صفقوا لكل قرارٍ يفقدهم بعض ما خرجوا من أجله. وعاد حكم العسكر لأمجاده, ولن نستغرب إن عاد مبارك أو أحد ابنيه إلى حكم مصر, ولن نستغرب إذا خرج من يحتفل بهذا ممن دهست سيارات النظام السابق العسكرية زملاءه, لأن هناك أولويات ليست مفهومة لدى الشعوب..
يبدو أن مصر في النهاية فضلت أن تعانق الوحش الذي كانت تهرب منه..
دلال خليفة
|
|
|
دلال خليفة، كاتبة روائية ومسرحية وقاصة من قطر، الموقع الرسمي الوحيد. |
Delal khalifa, Qatari novel, short story and play writer. This is her official website.
|
|
|
|